الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***
هو حكم العقد فيتعقبه في الوجود فعقبه في البيان ليحاذي بتحقيقه الوجودي تحقيقه التعليمي وفي الغاية له أسام المهر والنحلة والصداق والعقر والعطية والأجرة والصدقة والعلائق والحباء. (قوله: صح النكاح بلا ذكره)؛ لأن النكاح عقد انضمام وازدواج لغة فيتم بالزوجين ثم المهر واجب شرعا إبانة لشرف المحل فلا يحتاج إلى ذكره لصحة النكاح، وكذا إذا تزوجها بشرط أن لا مهر لها لما بيناه واستدل له في غاية البيان بقوله تعالى: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن} فقد حكم بصحة الطلاق مع عدم التسمية ولا يكون الطلاق إلا في النكاح الصحيح فعلم أن ترك التسمية لا يمنع صحة النكاح، وذكر الأكمل والكمال أنه لا خلاف لأحد في صحته بلا ذكر المهر. (قوله: وأقله عشرة دراهم) أي أقل المهر شرعا للحديث: «لا مهر أقل من عشرة دراهم» وهو وإن كان ضعيفا فقد تعددت طرقه والمنقول في الأصول أن الضعيف إذا تعددت طرقه فإنه يصير حسنا إذا كان ضعفه بغير الفسق ولأنه حق الشرع وجوبا إظهارا لشرف المحل فيقدر بما له خطر وهو العشرة استدلالا بنصاب السرقة أطلق الدراهم فشمل المصكوك وغيره فلو سمى عشرة تبرا أو عرضا قيمته عشرة تبرا لا مضروبة صح، وإنما تشترط المصكوكة في نصاب السرقة للقطع تقليلا لوجود الحد وشمل الدين والعين فلو تزوجها على عشرة دين له على فلان صحت التسمية؛ لأن الدين مال فإن شاءت أخذته من الزوج وإن شاءت ممن عليه الدين كذا في المحيط زاد في الخانية ويؤاخذ الزوج حتى يوكلها بقبض الدين من المديون ا هـ. فقد جعلوا الدين مالا هنا وأدخلوه تحت قوله تعالى: {أن تبتغوا بأموالكم} ولم يجعلوه مالا في الزكاة فلم يجز الدين عن العين ولا في الأيمان فلو حلف لا مال له وله دين على موسر لا يحنث وشمل الدية أيضا، ولذا قال في الظهيرية ولو تزوجها على ما وجب له من الدية على عاقلتها فلا شيء لها على عاقلتها؛ لأنها مؤدية عنهم وفي المحيط لو تزوجها على عيب عبد اشتراه منها جاز؛ لأنها لما تزوجت على عيبه صارت مقرة بحصة العيب؛ لأن النكاح لا بد له من مهر فيكون نكاحا بمال فإن كانت قيمة العيب عشرة فهو مهرها وإلا يكمل عشرة. ا هـ. ومراد المصنف أن أقله عشرة أو ما يقوم مقامها بالقيمة واختلف في وقت القيمة فظاهر الرواية أن الاعتبار وقت العقد ولا اعتبار ليوم القبض فلو كانت قيمته يوم العقد عشرة وصارت يوم التسليم ثمانية فليس لها إلا هو ولو كان على عكسه لها العرض المسمى ودرهمان ولا فرق في ذلك بين الثوب والمكيل والموزون؛ لأن ما جعل مهرا لم يتغير في نفسه، وإنما التغيير في رغبات الناس كذا في البدائع وفي المحيط ولو تزوجها على ثوب وقيمته عشرة فقبضته وقيمته عشرون وطلقها قبل الدخول والخلوة والثوب مستهلك ردت عشرة؛ لأنه إنما دخل في ضمانها بالقبض فتعتبر قيمته يوم القبض ا هـ. فالحاصل أن الاعتبار ليوم العقد في حق التسمية وليوم القبض في حق دخوله في ضمانها وفي الذخيرة النكاح إذا أضيف إلى دراهم عين لا يتعلق بعينها، وإنما يتعلق بمثلها دينا في الذمة وإذا أضيف إلى دراهم دين في ذمة المرأة تتعلق بعينها ولا يتعلق بمثلها دينا في الذمة؛ لأن المهر عوض من وجه من حيث إنه ملك بمقابلة شيء صلة من وجه من حيث إنه لا مالية لما يقابله من كل وجه حتى يجب الحيوان دينا في الذمة في النكاح والدراهم تتعين في الصلات لا في المعاوضات فعلمنا بحقيقة المعاوضة إذا أضيف إلى الدراهم العين فتعلق بمثلها وعملنا بمعنى الصلة إذا أضيف إلى الدين فتعلق بعينها عملا بالشبهين، وفائدة الأول لو تزوجها أحد الدائنين على حصته من دين لهما عليها فليس للساكت مشاركته لتعلقه بعين الحصة، وفائدة الثاني لو تزوجها أحدهما على دراهم مطلقة بقدر حصته من الدين وصار قصاصا فلشريكه أن يأخذ منه نصفها لتعلقه بمثلها والدين إذا كان على غير المرأة فهو كالعين يتعلق النكاح بمثله؛ لأنه لو تعلق بالعين لكان تمليك الدين من غير من عليه الدين بخلاف ما إذا كان عليها وفائدته أنها مخيرة إن شاءت أخذت من الزوج وإن شاءت من العاقلة ا هـ. والأخير مخالف لما قدمناه عن الظهيرية ويمكن التوفيق بأن ما في الذخيرة مصور بأنه تزوجها على أرش له على عاقلتها وأمرها بقبض ذلك وما في الظهيرية خال عن الآمر بالقبض، وقد علم أنه لو تزوجها على دراهم وأشار إليها فله إمساكها ودفع مثلها ولو دفع الدراهم إليها ثم طلقها قبل الدخول لا يتعين عليها رد عين نصفها، وإنما يتعين رد مثلها كما في جامع الفصولين وفرع عليه ما إذا كان المهر ألفا دفعه إليها وحال الحول ووجبت الزكاة عليها ثم طلقها قبل الدخول فإنه لا يسقط عنها زكاة النصف؛ لأنه لما لم يتعين رد العين كان بمنزلة دين حادث. ا هـ. ومن أحكام المهر أنه يصح تأجيله إلى وقت مجهول كالحصاد والدياس وهو الصحيح ولو تزوجها بألف درهم على أن ينقد ما تيسر له والبقية إلى سنة كان الألف كله إلى سنة إلا أن تقيم المرأة البينة أنه تيسر له منها شيء أو كله فتأخذه كذا في الظهيرية. (قوله: فإن سماها أو دونها فلها عشرة بالوطء أو بالموت)؛ لأن بالدخول يتحقق تسليم المبدل وبه يتأكد البدل وبالموت ينتهي النكاح نهايته والشيء بانتهائه يتقرر ويتأكد فيتقرر بجميع مواجبه وسيأتي أن الخلوة كالوطء فحاصله أن المهر يجب بالعقد ويتأكد بإحدى معان ثلاث وينبغي أن يزاد رابع وهو وجوب العدة عليها منه كما سيأتي في العدة لو طلقها بائنا بعد الدخول ثم تزوجها ثانيا في العدة وجب كمال المهر الثاني بدون الخلوة والدخول؛ لأن وجوب العدة عليها فوق الخلوة وينبغي أن يزاد خامس وهو ما لو أزال بكارتها بحجر ونحوه فإن لها كمال المهر كما صرحوا به بخلاف ما إذا أزالها بدفعة فإنه يجب النصف لو طلقها قبل الدخول ولو دفعها أجنبي فزالت بكارتها وطلقت قبل الدخول وجب نصف المسمى على الزوج وعلى الأجنبي نصف صداق مثلها، وإنما لم يجب مهر المثل إذا سمى دون العشرة كما قال زفر؛ لأن فساد هذه التسمية لحق الشرع، وقد صار مقضيا بالعشرة، فأما ما يرجع إلى حقها فقد رضيت بالعشرة لرضاها بما دونها ولا معتبر بانعدام التسمية؛ لأنها قد ترضى بالتمليك من غير عوض تكرما ولا ترضى فيه بالعوض اليسير، وقد علم حكم الأكثر بالأولى؛ لأن التقدير في المهر يمنع النقصان فقط وفي المحيط والظهيرية لو تزوجها على ألفين ألف منها لله تعالى أو للخاطب أو لولدي أو لفلان فالمهر ألف؛ لأن هذا استئناء في كلام واحد وفي الظهيرية لو تزوجها على غنم بعينها على أن أصوافها لي كان له الصوف استحسانا ولو تزوجها على جارية حبلى على أن ما في بطنها تكون له الجارية وما في بطنها لها ا هـ. وكله؛ لأن الحمل كجزئها فلم يصح استثناؤه وفي الولوالجية والخانية لو تزوجها على ألف درهم من نقد البلد فكسدت وصار النقد غيرها كان على الزوج قيمة تلك الدراهم يوم كسدت هو المختار ولو كان مكان النكاح بيعا فسد البيع؛ لأن الكساد بمنزلة الهلاك وهلاك البدل يوجب فساد البيع بخلاف النكاح ا هـ. (قوله: وبالطلاق قبل الدخول يتنصف) أي المسمى لقوله تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} الآية والأقيسة متعارضة ففيه تفويت الزوج الملك على نفسه باختياره وفيه عود المعقود عليه إليها سالما فكان المرجع فيه النص كذا في الهداية وهو بيان للواقع؛ لأنه جواب سؤال مقدر كما فهمه الشارحون وتمامه في فتح القدير وشمل الدخول الخلوة لما في المجتبى ولم يذكر الخلوة مع أنها شرط لما أن اسم الدخول يشملها؛ لأنها دخول حكما ا هـ. وظاهر قوله يتنصف أن النصف يعود إلى ملك الزوج وأطلقه وفيه تفصيل فإن كان المهر لم يسلمه إليها عاد إلى ملك الزوج نصفه بمجرد الطلاق وإن كان مقبوضا لها فإنه لا يبطل ملك المرأة في النصف إلا بقضاء أو رضا؛ لأن الطلاق قبل الدخول أوجب فساد سبب ملكها في النصف وفساد السبب في الابتداء لا يمنع ثبوت ملكها بالقبض فأولى أن لا يمنع بقاءه فلو أعتق الزوج العبد المهر المقبوض بعد الطلاق قبله لم ينفذ في شيء منه ولو قضى القاضي بعد ذلك يعود نصفه إلى ملكه؛ لأنه عتق سبق ملكه فلم ينفذ ونفذ عتق المرأة في الكل، وكذا بيعها وهبتها لبقاء ملكها في الكل قبل القضاء والرضا وإذا نفذ تصرفها فقد تعذر عليها رد النصف بعد وجوبه فتضمن نصف قيمته للزوج يوم قبضت ولو وطئت الجارية بشبهة فحكم العقر حكم الزيادة المنفصلة المتولدة من الأصل كالأرش؛ لأنه بدل من جزء من عينها فإن المستوفى بالوطء في حكم العين وفي الظهيرية ولو زاد المهر زيادة منفصلة كالولد والثمر والأرش والعقر قبل القبض فكلها تتنصف بالطلاق قبل الدخول وبعد القبض لا تتنصف وعليها نصف قيمة الأصل يوم قبضت، وكذلك لو ارتدت والعياذ بالله تعالى أو قبلت ابن الزوج وإن كانت بدل المنافع كالكسب والغلة والموهوب للمهر فهي للمرأة وليست بمهر عند أبي حنيفة وعندهما يتنصف مع الأصل، وكذلك على هذا كسب المبيع قبل القبض ولو آجره الزوج فالأجرة له ولزمه التصدق بها والزيادة المتصلة قبل القبض تتنصف بالإجماع وبعد القبض تتنصف عند محمد خلافا لهما والزيادة المنفصلة بعد القبض إذا هلكت يتنصف الأصل دون الزيادة ولو استولد الزوج الجارية الممهورة قبل القبض وادعى نسب الولد ثم طلقها قبل الدخول تتنصف الجارية والولد؛ لأن العلوق وجد في ملك الغير فلم تصح الدعوة وذكر في كتاب الدعوى أنه يثبت النسب وتصير الجارية أم ولد له؛ لأنه عاد إليه قديم ملكه وعتق نصف الولد بإقراره؛ لأنه جزء منه ويسعى الولد في نصف قيمته للمرأة على الروايتين جميعا ثم اعلم أن حاصل الزيادة في المهر أنها إذا حدثت بعد قبض المرأة ثم طلقها قبل الدخول فإنها لا تتنصف سواء كانت متصلة متولدة أو منفصلة متولدة أولا إلا متصلة متولدة عند محمد وأما إذا حدثت قبل القبض فإن المتولدة تتنصف متصلة أو منفصلة وغير المتولدة لا تتنصف وفي خيار العيب الزيادة المتولدة متصلة أو منفصلة غير متولدة وأنها لا تمنع الرد به والمتصلة غير المتولدة والمنفصلة المتولدة يمنعان الرد به وفي البيع الفاسد كل زيادة فإنها لا تمنع الاسترداد والفسخ إلا زيادة متصلة غير متولدة وفي باب الرجوع في الهبة فإن الزيادة المتصلة متولدة أو غير متولدة مانعة من الرجوع والمنفصلة متولدة أولا غير مانعة وفي باب الغصب لا يمنع من رد العين إلا الزيادة المتصلة الغير المتولدة التي لا يمكن فصل المغصوب عنها فلتحفظ هذه المواضع فإنها نفيسة وأما المتصلة الغير المتولدة كالصبغ في مسألة الزيادة في المهر فخارجة عن البحث واعلم بأن الأوصاف لا تفرد بالعقد ولا تفرد بضمان العقد والإتلاف يرد على الأوصاف فأمكن إظهار حكم الإتلاف فيها فنقول إذا حدث في المهر عيب سماوي إن شاءت أخذته ناقصا بلا غرمه النقصان وإن شاءت أخذت قيمته يوم العقد وإن حدث بفعل الزوج فإن شاءت أخذته وقيمة النقصان وإن شاءت أخذت قيمته يوم العقد وإن حدث بفعل الزوج صارت قابضة وإن حدث بفعل أجنبي فإن شاءت أخذته وقيمة النقصان من الأجنبي وإن شاءت أخذت قيمته من الزوج ولا حق لها في النقصان وإن حدث بفعل المهر فكالآفة السماوية في رواية وفي ظاهر الرواية هو كحكم جناية الزوج والحدوث بفعل المهر أن يكون المهر عبدا فقطع يده أو فقأ عينه وإذا قبضت المهر فتغيب بفعلها أو بآفة سماوية أو بفعل المهر قبل الطلاق أو بعده قبل الحكم بالرد فإن شاء الزوج أخذ نصفه ولا يضمنها النقصان وإن شاء ضمنها نصف قيمته صحيحا يوم القبض وإن كان ذلك بعد الطلاق والحكم بالرد فللزوج أن يأخذه ونصف الأرش وإن تعيب بفعل الأجنبي يضمنها نصف القيمة لا غير وإن تعيب بفعل الزوج فهو بالخيار كما في الأجنبي كذا في الظهيرية فصار حاصل وجوه النقصان عشرين لأنه إما أن يكون بآفة سماوية أو بفعله أو بفعلها أو بفعل المهر أو بفعل الأجنبي وكل من الخمسة على أربعة؛ لأنه إما أن يكون في يد الزوج أو في يدها قبل الطلاق أو في يدها بعده قبل الحكم بالرد أو بعده بعد الحكم وأحكامها مذكورة كما أن حاصل وجوه الزيادة ثمانية؛ لأنها إما أن تكون متصلة متولدة أولا أو منفصلة متولدة أولا وكل منها إما أن تكون في يده أو في يدها والأحكام مذكورة إلا حكم المتصلة الغير المتولدة كالصبغ لظهور أنها لا تتنصف وينبغي أن تكون وجوه النقصان خمسة وعشرين فإن النقصان في يد الزوج أعم من أن يكون قبل الطلاق أو بعده فهي خمسة في خمسة وإذا ولدت الجارية الممهورة في يد الزوج فهلكا ثم طلقها قبل الدخول بها أخذت نصف قيمة الأم لا غير وإن قتلهما الزوج فإن شاءت ضمنته نصف قيمة الأم يوم العقد وإن شاءت ضمنت عاقلته نصف قيمتها وتضمن العاقلة نصف قيمة الولد يوم القتل ولا يضمن الزوج نقصان الولادة إلا أن يكون فاحشا ولو تزوجها على زرع بقل فاستحصد الزرع في يدها ثم طلقها قبل الدخول بها فلا سبيل للزوج على الزرع. ولو تزوجها على عشرين شاة عجفاء فحملت في يدها ودر اللبن في ضروعها ثم طلقها قبل الدخول بها يأخذ الزوج نصفها ولو تزوجها على أرض قراح على أنها ثلاثون جريبا فإذا هي عشرون إن شاءت أخذت القراح ناقصا لا غير، وإن شاءت أخذت قيمته ثلاثين جريبا مثل هذه الأرض ولو تزوجها على نخل صغار فطالت وكبرت في يدها ثم طلقها قبل الدخول بها فلها نصفها نص عليه في المنتقى قال رحمه الله: وعندي هذا محمول على قول محمد؛ لأن المذهب عنده أن الزيادة المتصلة لا تمنع التنصيف ا هـ. ما في الظهيرية بحروفه وينبغي أن تكون مسألة الشاة كمسألة النخل محمولة على قول محمد وظاهر ما في المختصر أن بالطلاق قبل الدخول يسقط نصف المهر ويبقى النصف وهو قول المحققين، وقيل يسقط كله ويجب نصف المهر بطريق المتعة واختاره في الهداية في باب الرجوع عن الشهادات قال في الجوهرة وفائدته أنه لو تزوجها على مائة درهم ورهنها بها رهنا ثم طلقها فعلى القول الأول لها إمساك الرهن وعلى الثاني لا ا هـ. وفي البدائع ضعف القول بسقوط الكل ثم إيجاب النصف بأنه لا فائدة فيه وأن طريق أصحابنا هو الأول وذكر الاختلاف بين أبي يوسف ومحمد في الرهن فعند محمد هو رهن بها وعند أبي يوسف لا وفي القنية افترقا، فقالت افترقنا بعد الدخول وقال الزوج قبل الدخول فالقول قولها؛ لأنها تنكر سقوط نصف المهر ا هـ. وفيها أيضا لو تبرع بالمهر عن الزوج ثم طلقها قبل الدخول أو جاءت الفرقة من قبلها يعود نصف المهر في الأول والكل في الثاني إلى ملك الزوج بخلاف المتبرع بقضاء الدين إذا ارتفع السبب يعود إلى ملك القاضي إن كان بغير أمره وتمامه فيها من كتاب المداينات. (قوله: وإن لم يسمه أو نفاه فلها مهر مثلها إن وطئ أو مات عنها) لما روي في السنن والجامع الترمذي عن «عبد الله بن مسعود في رجل تزوج امرأة فمات عنها ولم يدخل بها ولم يفرض لها الصداق، فقال لها الصداق كاملا وعليها العدة ولها الميراث، فقال معقل بن سنان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى به في تزويج بنت واشق» قال الترمذي هو حسن صحيح ولأنه حق الشرع وجوبا، وإنما يصير حقها في حالة البقاء فتملك الإبراء دون النفي ومن صوره ما إذا تزوجها على ألف على أن ترد إليه ألفا؛ لأن الألف بمقابلة مثلها فبقي النكاح بلا تسمية كما في المحيط ومنها ما إذا تزوجها على عبدها وليس منها ما إذا تزوجها على عبد الغير فإنه إذا لم يجز مالكه وجبت قيمته ومنها ما في القنية قالت زوجت نفسي منك بخمسين دينارا وأبرأتك من الخمسين، فقال قبلت ينعقد بمهر المثل لعدم التسمية ومنها ما فيها تزوجتك بمهر جائز في الشرع وجب مهر المثل ولا ينصرف إلى العشرة؛ لأن مهر المثل جائز شرعا أيضا وفي المعراج لها العشرة ومنها ما إذا تزوجها على حكمها أو حكمه أو حكم رجل آخر أو على ما في بطن جاريتي أو أغنامي كما في فتح القدير ومنها ما في الظهيرية لو تزوجها على أن يهب الزوج لأبيها ألف درهم كان لها مهر المثل وهب لأبيها ألفا أو لم يهب فإن وهب كان له أن يرجع في الهبة ومنها ما فيها أيضا لو تزوجها على دراهم كان لها مهر المثل ولا يشبه الخلع ومنها تسمية المحرم ومنها تسمية المجهول جهالة فاحشة كما سيأتي كما إذا تزوجها على ما يكسبه العام أو يرثه كما في البدائع ومنها تسمية ما لا يصلح مهرا كتأخير الدين عنها سنة والتأخير باطل كما في الظهيرية أو أبرئ فلان من الدين فيجب مهر المثل كما في الخانية وليس منها ما إذا تزوجها على حجة فإن لها قيمة حجة وسط لا مهر المثل كما في الظهيرية وفسر في المعراج الوسط بركوب الراحلة وليس منها ما إذا تزوجها على عتق أخيها عنها فإنه لا شيء لها لثبوت الملك لها اقتضاء في الأخ بخلاف ما إذا تزوجها على عتق أخيها أو طلاق ضرتها فإنه يجب مهر المثل؛ لأنهما ليسا بمال وتمامه في المحيط ثم اعلم أن وجوب مهر المثل بتمامه عند عدم التسمية مشروط بأن لا يشترط الزوج عليها شيئا لما في الولوالجية والمحيط لو تزوجها على أن تدفع إليه هذا العبد يقسم مهرها على قيمة العبد وعلى مهر مثلها؛ لأن المرأة بذلت البضع والعبد بإزاء مهر مثلها والبدل ينقسم على قدر قيمة المبدل فما أصاب قيمة العبد فالبيع فيه فاسد؛ لأنها باعته بشيء مجهول والباقي يصير مهرا. ا هـ. ويخالفه ما نقلاه أيضا لو قال لامرأة أتزوجك على أن تعطيني عبدك هذا فقبلت جاز النكاح بمهر المثل ولا شيء له من العبد فيحتاج إلى الفرق، وقد يقال إن في الثانية لم يجعل العبد مبيعا بل هبة فلا ينقسم مهر المثل على العبد وعلى مهر المثل بدليل أنه ذكر الإعطاء والعطية الهبة وفي الأولى جعل العبد مبيعا فانقسم مهر المثل بدليل أنه ذكر الدفع لا الإعطاء وأما إذا تزوجها على ألف على أن تدفع إليه هذا العبد، فقال في المحيط صح النكاح والبيع؛ لأن البيع مشروط في النكاح، فأما النكاح غير مشروط في البيع فثبت البيع ضمنا للنكاح ولو قال في المختصر أو مات أحدهما لكان أولى؛ لأن موتها كموته كما في التبيين وليس من صور عدم التسمية ما لو تزوجت بمثل مهر أمها والزوج لا يعلم مقدار مهر أمها فإنه جائز بمقدار مهر أمها ولو طلقها الزوج قبل الدخول بها فلها نصف ذلك وللزوج الخيار إذا علم مقدار مهر أمها كما لو اشترى بوزن هذا الحجر ذهبا ثم علم بوزنه ولا خيار للمرأة كذا في الذخيرة وليس منها ما إذا افترقا وبقي عليه عشرة دنانير من المهر ثم تزوجها بتلك العشرة فإن المصرح به في القنية أنه تزوج بمثل العشرة فيكون المهر عشرة أخرى غير عشرة الدين. (قوله: والمتعة إن طلقها قبل الوطء) أي لها المتعة إن لم يسم شيئا وطلقها قبل الوطء والخلوة لقوله تعالى: {ومتعوهن على الموسع قدره} الآية ثم هذه المتعة واجبة رجوعا إلى الأمر ولا يكون لفظ المحسنين قرينة صارفة إلى الندب؛ لأن المحسن أعم من المتطوع والقائم بالواجب أيضا فلا ينافي الوجوب مع ما انضم إليه من لفظ حقا وعلى وفي الأسرار للدبوسي قال علماؤنا والمتعة بعد الطلاق قبل الدخول في نكاح لا تسمية فيه تجب خلفا عن مهر المثل الذي كان واجبا به قبل الطلاق بدلا عن الملك الواقع بالعقد للرجل على المرأة في الحالين جميعا ا هـ. ثم اعلم أن المتعة إنما تجب في موضع لم تصح التسمية من كل وجه أما إذا صحت من وجه دون وجه فإنه لا تجب المتعة وإن وجب مهر المثل بالدخول كما إذا تزوجها على ألف درهم وكرامتها أو على ألف وعلى أن يهدي لها هدية وأنه إذا طلقها قبل الدخول كان لها نصف الألف لا المتعة مع أنه لو دخل بها وجب مهر المثل لا ينقص من الألف كما في غاية البيان؛ لأن المسمى لم يفسد من كل وجه؛ لأنه على تقدير كرامتها والإهداء يوجب الألف لا مهر المثل قيد بالطلاق والمراد منه فرقة جاءت من قبله ولم يشاركه صاحب المهر في سببها طلاقا كانت أو فسخا كالطلاق والفرقة بالإيلاء واللعان والجب والعنة وردته وإبائه الإسلام وتقبيله ابنتها أو أمها بشهوة للاحتراز عن فرقة جاءت من قبلها قبل الدخول فإنه لا متعة لها لا وجوبا ولا استحبابا كما في فتح القدير كما لا يجب نصف المسمى لو كان موجودا كردتها وإبائها الإسلام وتقبيلها ابنه بشهوة والرضاع وخيار البلوغ والعتق وعدم الكفاءة وقيدنا بأنه لم يشاركه في سبيها للاحتراز عما إذا اشترى منكوحته من المولى أو اشتراها وكيله منه فإن مالك المهر يشارك الزوج في السبب وهو الملك فلذا لا تجب المتعة ولا نصف المسمى بخلاف ما لو باعها المولى من رجل ثم اشتراها الزوج منه فإنها واجبة كما في التبيين. (قوله: وهي درع وخمار وملحفة) وهو مروي عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهما ودرع المرأة بالدال المهملة ما تلبسه فوق القميص وهو مذكر والخمار ما تغطي به المرأة رأسها والملحفة هي الملاءة وهي ما تلتحف به المرأة كذا في المغرب ولم يذكر في الذخيرة الدرع، وإنما ذكر القميص وهو الظاهر وفي المعراج قال فخر الإسلام هذا في ديارهم أما في ديارنا تلبس أكثر من ذلك فيزاد على هذا إزار ومكعب ا هـ. وفي البدائع ولو أعطاها قيمة الأثواب دراهم أو دنانير تجبر على القبول؛ لأن الأثواب ما وجبت لعينها بل من حيث إنها مال كالشاة في خمس من الإبل في باب الزكاة ا هـ. ولم يذكر المصنف اعتبارها بحاله أو بحالها للاختلاف فالكرخي اعتبر حالها واختاره القدوري فإن كانت سفلة فمن الكرباس وإن كانت وسطة فمن القز وإن كانت مرتفعة الحال فمن الإبريسم فإنها بدل بضعها فتعتبر بحالها والإمام السرخسي اعتبر وصححه في الهداية عملا بقوله تعالى: {على الموسع قدره وعلى المقتر قدره} لكن ليس على إطلاقه قالوا فلا تزاد على نصف مهر مثلها؛ لأن الحق عند التسمية آكد وأثبت منه عند عدم التسمية ثم عندها لا يزاد على نصف المسمى فلأن لا يزاد عند عدمها على نصف مهر المثل أولى ولا تنقص المتعة عن خمسة دراهم؛ لأنها تجب على طريق العوض وأقل عوض ثبت في النكاح نصف عشرة فلا بد في المتعة من ملاحظة هذين الأمرين فليس ملاحظة الأمرين مناقضا للقول باعتبار حاله كما في فتح القدير ودعواه بأن الملاحظة المذكورة صريحة في اعتبار حالها ممنوعة؛ لأنها لو كانت غنية قيمة متعتها مائة درهم والزوج فقير يناسبه أن تكون المتعة في حقه عشرين درهما فعلى من اعتبر حاله الواجب عشرون وعلى من اعتبر حالها الواجب المائة نعم لو كان غنيا وحاله يقتضي مائة وهي فقيرة متعتها عشرون فحينئذ لا يزاد على العشرين لا باعتبار حالها بل لما ذكرناه والإمام الخصاف اعتبر حالهما قالوا وهو أشبه بالفقه وصححه الولوالجي؛ لأن في اعتبار حاله تسوية بين الشريفة والخسيسة وهو منكر بين الناس فقد اختلف الترجيح والأرجح قول الخصاف؛ لأن الولوالجي في فتاواه صححه وقال وعليه الفتوى كما أفتوا به في النفقة وظاهر كلامهم أن ملاحظة الأمرين على جميع الأقوال معتبرة فلا يزاد على نصف مهر المثل ولا ينقص عن خمسة دراهم كما هو صريح الأصل و المبسوط وفي فتح القدير وإطلاق الذخيرة كونها وسطا لا بغاية الجودة ولا بغاية الرداءة لا يوافق رأيا من الثلاثة الاعتبار بحاله أو حالها أو حالهما ا هـ. ولعله سهو؛ لأن اعتبار الوسط موافق للأقوال كلها؛ لأنه على قول من اعتبر حالها وكانت فقيرة مثلا فإنه يجب لها الكرباس الوسط لا الجيد ولا الرديء وفي المتوسطة قز وسط وفي المرتفعة إبريسم وسط وعلى قول من اعتبر حاله وكان فقيرا يجب لها الكرباس الوسط وإن كان متوسطا فقز وسط وإن كان غنيا فإبريسم وسط وعلى قول من اعتبر حالهما وإن كانا فقيرين فالواجب كرباس وسط وإن كانا غنيين فالواجب إبريسم وسط وإن كان أحدهما غنيا والآخر فقيرا فالواجب قز وسط فقد علمت أن الوسط معتبر على كل تقدير وفي الظهيرية الكفيل بمهر المثل لا يكون كفيلا بالمتعة الواجبة والرهن بمهر المثل القياس أن لا يصير رهنا بالمتعة حتى لا يحبس بها وهو قول أبي يوسف وفي الاستحسان يصير رهنا بالمتعة حتى يحبس بها وهو قول أبي يوسف الأول وهو قول محمد وهي من المسائل الثلاث التي رجع أبو يوسف من الاستحسان إلى القياس لقوة وجه القياس والثانية إذا تلا آية السجدة في ركعة ثم أعادها في الركعة الثانية القياس أن تكفيه سجدة واحدة وهو قول أبي يوسف الآخر وفي الاستحسان تلزمه أخرى وهو قول أبي يوسف الأول وهو قول محمد والثالثة العبد إذا جنى جناية فيما دون النفس يخير المولى بين الدفع والفداء وإن اختار الفداء ثم مات المجني عليه والقياس أن يخير المولى ثانيا وهو قول أبي يوسف الآخر وفي الاستحسان أن لا يخير وهو قوله الأول وهو قول محمد. ا هـ. (قوله: وما فرض بعد العقد أو زيد لا يتنصف) أي بالطلاق قبل الدخول أما ما فرض بعد العقد فلأن هذا الفرض تعيين للواجب بالعقد وهو مهر المثل بدليل أنه لا شفعة للشفيع لو فرض لها دارا بعد العقد بخلاف ما لو دفع لها الدار بدلا عن المسمى في العقد وأن له الشفعة؛ لأنه بيع بدليل أنها لو طلقت قبل الدخول ترد نصف المسمى لا نصف الدار وذلك لا يتنصف فكذا ما نزل منزلته والمراد بقوله تعالى: {فنصف ما فرضتم} المفروض في العقد إذ هو الفرض المتعارف أطلقه فشمل ما إذا كان الفرض بعد العقد بتراضيهما أو بفرض القاضي فإن لها أن ترفعه إلى القاضي ليفرض لها إذا لم يكن فرض لها في العقد كذا في فتح القدير، وقد يقال إن فرض القاضي المذكور إذا لم يكن برضاه فهو متوقف على النظر فيمن يماثلها في الأوصاف الآتية من نساء أبيها ويثبت عنده ذلك بالبينة كما سيأتي فهو قضاء بمهر المثل لا طريق لفرضه جبرا إلا به كما لا يخفى وأما ما زيد على المسمى فإنما لا يتنصف لما ذكرنا أن التنصيف يختص بالمفروض في العقد ودل وضع المسألة على جواز الزيادة في المهر بعد العقد وهي لازمة له بشرط قبولها في المجلس على الأصح كما في الظهيرية أو قبول وليها إن كانت صغيرة ولو لم تقبل كما في أنفع الوسائل واستدلوا لجوازها بقوله تعالى: {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة} فإنه يتناول ما تراضوا على إلحاقه وإسقاطه ولا يلزم كون الشيء بدل ملكه إلا لو قلنا بعدم الالتحاق ونحن نقول بالتحاقه بأصل العقد ومن فروع الزيادة على المهر لو راجع المطلقة رجعيا على ألف فإن قبلت لزمت وإلا فلا ومن فروعها لو وهبت مهرها من زوجها ثم إن الزوج أشهد أن لها عليه كذا من مهرها تكلموا فيه والمختار عند الفقيه أبي الليث أن إقراره جائز إذا قبلت ووجهه في التجنيس بوجوب تصحيح التصرف ما أمكن، وقد أمكن بأن يجعل كأنه زاد على المهر وفي القنية جدد للحلال نكاحا بمهر يلزم إن جدده لأجل الزيادة لا احتياطا ا هـ. وفي الظهيرية تزوجها بألف ثم جدد النكاح بألفين المختار عندنا أن لا تلزمه الألف الثانية؛ لأنها ليست بزيادة لفظا ولو ثبتت الزيادة إنما تثبت في حق ضمن النكاح فإذا لم يصح النكاح لم يصح ما في ضمنه ا هـ. وفي القنية قال بعد المهر جعلت ألف درهم مهرك لا يلزم ا هـ. فالحاصل أنهم اتفقوا على أن النكاح بعد النكاح لا يصح، وإنما الاختلاف في لزوم المهر وفي البزازية من الصلح الصلح بعد الصلح باطل وكذا الصلح بعد الشراء والشراء بعد الشراء فالثاني أحق ا هـ. وقيد في جامع الفصولين والقنية الأخيرة بأن يكون الثمن الثاني أكثر من الأول أو أقل لينفسخ العقد الأول وإن كان بمثل الأول فالأول أحق لعدم الفائدة وفي الولوالجية امرأة قالت لرجل زوجتك نفسي على ألف درهم، فقال الزوج قبلت النكاح على ألفين جاز النكاح؛ لأنه أجاب بما خاطبته وزيادة فإن قالت المرأة قبل أن يتفرقا قبلت الألفين فعلى الزوج ألفا درهم؛ لأنها قبلت الزيادة وإن لم تقبل المرأة حتى تفرقا جاز النكاح على ألف، وهذا يجب أن يكون قول أبي يوسف ومحمد بناء على أن في الألفين ألفا وزيادة وعليه الفتوى ا هـ. بلفظه وبما نقلناه علم أنه لا يشترط في صحتها لفظ الزيادة، وأشار بقوله زيد إلى أنه معلوم فلو قال زدتك في مهرك ولم يعين لم تصح الزيادة للجهالة كما في الواقعات وأطلق في صحة الزيادة فأفاد أنها صحيحة بلا شهود كما في القنية وشمل الزيادة بعد هبة المهر والإبراء منه وشمل ما إذا كانت الزيادة من جنس المهر أو من غير جنسه كما في أنفع الوسائل وشمل ما إذا زاد بعد موتها فإنها صحيحة إذا قبلت الورثة عند أبي حنيفة خلافا لهما كما في التبيين من البيوع وشمل ما إذا كان بعد الطلاق الرجعي قبل انقضاء العدة وأما بعد انقضاء العدة في الرجعي وبعد الطلاق البائن فلم أر فيه نقلا قال في أنفع الوسائل وقياس الزيادة بعد موتها أن تصح فيهما عند أبي حنيفة بل بالطريق الأولى؛ لأن في الموت انقطع النكاح وفات محل التمليك وبعد الطلاق قابل وما ذكر في إكراه شيخ الإسلام من أن الزيادة في المهر بعد الفرقة باطلة هكذا روى بشر عن أبي يوسف قال إذا طلق امرأته ثلاثا قبل الدخول بها أو بعده ثم زاده في المهر لم تصح الزيادة محمول على أنه قول أبي يوسف وحده لا على قول أبي حنيفة؛ لأن أبا يوسف خالفه في الزيادة بعد موت المرأة فيكون قد مشى على أصله ا هـ. وأما الزيادة بعد عتقها فذكر في التبيين في زيادة المبيع والثمن أنه لو زوج أمته ثم أعتقها ثم زاد الزوج على مهرها بعد العتق تكون الزيادة للمولى؛ لأنها تلتحق بأصل العقد ا هـ. ويوافقه ما في المحيط من آخر باب نكاح الإماء قال الزوج للمعتقة لك خمسون درهما على أن تختاريني لزم العقد ولا شيء لها؛ لأنه لا يصح أخذ العوض عنه ولو قال اختاريني ولك خمسون درهما زيادة على صداقك صحت وتجب الزيادة للمولى؛ لأنه وجب بدلا عن البضع؛ لأنه زيد على الصداق والمال يصلح عوضا عن البضع فيلتحق بأصل العقد. ا هـ. ويخالفه ما في المحيط أيضا من باب خيار العتق والبلوغ رجل زوج أمته من رجل ثم أعتقها ثم زاد الزوج في المهر فالزيادة لها ولا أجبر الزوج على دفع الزيادة للمرأة، وكذلك إن باعها فالزيادة للمشتري ولا أجبره على دفع الزيادة إليه؛ لأنها بمنزلة الهبة ا هـ. وهو ضعيف؛ لأنه رواية المنتقى ولمخالفته الأصل الممهد وهو الالتحاق بأصل العقد وفي التلخيص وشرحه لو قال زدتك في صداقك كذا على أن تختاريني ففعلت بطل خيارها وتكون الزيادة للمولى للالتحاق كالزيادة بعد موت البائع إذا قبل الوارث تكون تركة للميت حتى تقضى منها ديونه وتنفيذ وصاياه بخلاف تعليق الزيادة بدخول الدار حيث لا يصح ولا يجب شيء؛ لأنها معتبرة بأصل العقد ا هـ. وقيد بزيادة المهر؛ لأن زيادة المنكوحة لا تجوز كما إذا زوجه أمة ثم زاده أخرى؛ لأن الشرع ما ورد بتمليك الزيادة المتولدة في المملوكة بالنكاح تبعا للمنكوحة بخلاف البيع كما سيأتي في بابه. (قوله: وصح حطها) أي حط المرأة من مهرها؛ لأن المهر في حالة البقاء حقها والحط يلاقيه حالة البقاء والحط في اللغة الإسقاط كما في المغرب أطلقه فشمل حط الكل أو البعض وشمل ما إذا قبل الزوج أو لم يقبل بخلاف الزيادة فإنه لا بد في صحتها من قبولها في المجلس كما قدمناه وقيد في البدائع الإبراء عن المهر بأن يكون دينا أي دراهم أو دنانير وظاهره أن حط المهر العين لا يصح؛ لأن الحط لا يصح في الأعيان وفي أنفع الوسائل الظاهر أن الحط يرتد بالرد وإن لم يتوقف على القبول كهبة الدين ممن عليه الدين إذا رد ولم أر فيه نقلا صريحا. ا هـ. وقد ظفرت بالنقل صريحا من فضل الله ولله الحمد والمنة ذكر في القنية من كتاب المداينات من باب الإبراء من المهر قالت لزوجها أبرأتك ولم يقل الزوج قبلت أو كان غائبا، فقالت أبرأت زوجي يبرأ إلا إذا رده ا هـ. بلفظه وقيد بحطها؛ لأن حط أبيها غير صحيح فإن كانت صغيرة فهو باطل وإن كانت كبيرة توقف على إجازتها فإن ضمنه الأب إن لم تجزه البنت فالضمان باطل كما قدمنا نقله عن الخلاصة في باب الأولياء ولا بد في صحة حطها من الرضا حتى لو كانت مكرهة لم يصح، ولذا قال في الخلاصة من كتاب الهبة إذا خوف امرأته بضرب حتى وهبت مهرها لا يصح إن كان قادرا على الضرب. ا هـ. وفي القنية من الإكراه تزوج امرأة سرا وأراد أن تبرئه من المهر فدخل عليها أصدقاؤه وقالوا لها إما أن تبرئيه من المهر وإلا قلنا للشحنة كذا، وكذا فيسود وجهك فأبرأته خوفا من ذلك فهو إكراه ولا يبرأ ولو لم يقولوا فيسود وجهك والمسألة بحالها فليس بإكراه ا هـ. ولو اختلفا في الكراهية والطوع ولا بينة فالقول لمدعي الإكراه ولو أقاما البينة فبينة الطواعية أولى كما في القنية في نظيره من الدعوى وفي الخلاصة قال لمطلقته لا أتزوجك ما لم تهبيني ما لك علي من المهر فوهبت مهرها على أن يتزوجها ثم إن الزوج أبى أن يتزوجها فالمهر باق على الزوج تزوج أو لم يتزوج ولو قال لامرأته أبرئيني من مهرك حتى أهب لك كذا فوهبت مهرها وأبى الزوج أن يهب لها ما وعد يعود المهر ذكره في النكاح وفيها من الهبة لو قالت لزوجها وهبت مهري منك على أن كل امرأة تتزوجها تجعل أمرها بيدي إن لم يقبل الزوج الهبة لا تصح الهبة وقد ذكرنا الجواب المختار أنها تصح من غير قبول وإن قبل أن جعل أمرها بيدها فالهبة ماضية وإن لم يجعل فكذلك عند البعض والمختار أن المهر يعود وعلى هذا لو قالت وهبت مهري منك على أن لا تظلمني أو على أن تحج بي أو على أن تهب لي كذا وإن لم يكن هذا شرطا في الهبة لا يعود المهر ا هـ. وهو مشكل؛ لأن تعليق الإبراء بالشرط باطل وفيها من النكاح لو أحالت إنسانا على الزوج على أن يؤدي من المهر ثم وهبت المهر من الزوج لا يصح وهي الحيلة لمن أرادت أن تهب المهر ولا يصح ولو وهبت مهرها من أبيها ووكلته بالقبض يصح ا هـ. وفي القنية وله ثلاث حيل غير هذه: إحداها شراء شيء ملفوف من زوجها بالمهر قبل الهبة. والثانية صلح إنسان معها عن المهر بشيء ملفوف قبل الهبة. والثالثة هبة المرأة المهر لابن صغير لها قبل الهبة كذا في كتاب المداينات وفي التجنيس وهبت المهر لابنها الصغير وقبل الأب فالمختار أنها لا تصح؛ لأنها هبة غير مقبوضة. ا هـ. وفيها قالت لزوجها إن كان يهمك المهر فقد أبرأتك يبرأ في الحال وليس بتعليق ولو طلق امرأته ثلاثا ولم تعلم به، ثم قال لها إن لم تبرئيني من المهر فأنت طالق ثلاثا فأبرأته، وقيل يبرأ وقال أبو حامد يبرأ قبل أو لم يقبل ولو قالت الصداق الذي لي على زوجي ملك فلان بن فلان لا حق لي فيه وصدقها المقر له ثم أبرأت زوجها عنه يبرأ ولو قالت المهر الذي لي على زوجي لوالدي لا يصح إقرارها به ا هـ. وفي كتاب النكاح منها اختلفا في هبة المهر، فقالت وهبته لك بشرط أن لا تطلقني وقال بغير شرط فالقول قولها ا هـ. وذكر في الدعوى لو أقاما البينة فبينة المرأة أولى، وقيل بينة الزوج أولى ولا بد في صحة حطها من أن لا تكون مريضة مرض الموت لما عرف في إبراء الوارث وفي الخلاصة من المهر وهبت مهرها من الزوج وماتت ثم اختلفت ورثتها مع الزوج قالت الورثة كانت الهبة في مرض الموت وقال الزوج كانت في الصحة فالقول قول الزوج؛ لأنه ينكر المهر. ا هـ. وفي القنية من كتاب الهبة وهبت مهرها من زوجها في مرض موتها ومات زوجها قبلها فلا دعوى لها لصحة الإبراء ما لم تمت فإذا ماتت منه فلورثتها دعوى مهرها ا هـ. وفيها أيضا من باب البينتين المتضادتين أقام الزوج بينة أنها أبرأته من الصداق حال صحتها وأقام الورثة بينة أنها أبرأته في مرض موتها فبينة الصحة أولى، وقيل بينة الوارث أولى. ا هـ. والراجح الأول وفيها أيضا من الهبة أبرأه عن الدين ليصلح مهمه عند السلطان لا يبرأ وهو رشوة. ولو أبى الاضطجاع عند امرأته، فقال لها أبرئيني من المهر فأضطجع معك فأبرأته قيل يبرأ؛ لأن الإبراء للتودد الداعي في الجماع وقال عليه السلام: «تهادوا تحابوا» بخلاف الإبراء في الأول؛ لأنه مقصور على إصلاح المهم وإصلاح المهم مستحق عليه ديانة وبذل المال فيما هو مستحق عليه حد الرشوة ا هـ. وفيها من كتاب الدعوى امرأة ماتت فطلب زوجها من ورثتها براءته من المهر فأبوا فأعطى المهر ثم ظهر له بينة أن امرأته أبرأته في حال الصحة ولم يعلم الزوج بذلك فله أن يرجع بما أعطى من المهر ديانة فهذا يشير إلى أنه لا يرجع عليهم قضاء ا هـ. وفيها من باب البينتين المتضادتين أقامت المرأة بينة على المهر على أن زوجها كان مقرا بذلك إلى يومنا هذا وأقام الزوج البينة أنها أبرأته من هذا المهر الذي تدعي فبينة المبرأة أولى. وكذا في الدين ا هـ. ويشترط في صحة إبرائها عن المهر عملها بمعناها لما في التجنيس لو قال لها قولي وهبت مهري منك، فقالت المرأة ذلك وهي لا تحسن العربية لا يصح فرق بين هذا وبين العتق والطلاق حيث يقعان والفرق أن الرضا شرط جواز الهبة وليس بشرط لجواز العتق والطلاق ا هـ. وأشار المصنف إلى أنه لو تزوجها بمائة دينار على أن تحط عنه خمسين منها فقبلت فهو صحيح بالأولى كما في الخانية. (قوله: والخلوة بلا مرض أحدهما وحيض ونفاس وإحرام وصوم فرض كالوطء) بيان للسبب الثالث المكمل للمهر وهي الخلوة الصحيحة؛ لأنها سلمت المبدل حيث رفعت الموانع وذلك وسعها فيتأكد حقها في البدل اعتبارا بالبيع، وقد حكى الطحاوي إجماع الصحابة عليه ويدل عليه حديث الدارقطني: «من كشف خمار امرأة أو نظر إليها وجب الصداق دخل أو لم يدخل» وحينئذ فالمراد بالمس في قوله تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} الخلوة إطلاقا لاسم المسبب على السبب إذ المس مسبب عن الخلوة عادة ويكون كماله بالجماع بحضرة الناس بالإجماع لا بالآية ومن فروع لزوم المهر بالخلوة لو زنى بامرأة فتزوجها وهو على بطنها فعليه مهران مهر الزنا؛ لأنه سقط الحد بالتزوج قبل تمام الزنا والمهر المسمى بالنكاح؛ لأن هذا يزيد على الخلوة وقد شرط المصنف في إقامتها مقام الوطء شروطا ترجع إلى أربعة أشياء الخلوة الحقيقية وعدم مانع حسي وعدم مانع طبعي وعدم مانع شرعي من الوطء فالأول للاحتراز عما إذا كان هناك ثالث فليست بخلوة سواء كان ذلك الثالث بصيرا أو أعمى أو يقظانا أو نائما بالغا أو صبيا يعقل وفصل في المبتغى في الأعمى فإن لم يقف على حاله تصح وإن كان أصم إن كان نهارا لا تصح وإن كان ليلا تصح ا هـ. وشمل الثالث زوجته الأخرى وهو المذهب بناء على كراهة وطئها بحضرة ضرتها واختلف في الجارية على أقوال قيل لا تمنع مطلقا ولو كانت جارية لغيرهما، وقيل جاريتها تمنع بخلاف جاريته والمختار أن جاريتها لا تمنع كجاريته كما في الخلاصة وعليه الفتوى كما في المبتغى وجزم الإمام السرخسي في المبسوط بأن كلا منهما يمنع وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه؛ لأنه يمتنع من غشيانها بين يدي أمته طبعا ا هـ. وشمل الثالث الكلب إن كان عقورا مطلقا وإن لم يكن عقورا فكذلك إن كان لها وإن كان له صحت الخلوة وخرج من الثالث الصبي الذي لا يعقل والمجنون والمغمى عليه والمراد بالذي يعقل هنا ما يمكنه أن يعبر ما يكون بينهما كافي الخانية وللاحتراز عن مكان لا يصلح للخلوة والصالح لها أن يأمنا فيه اطلاع غيرهما عليهما كالدار والبيت ولو لم يكن له سقف، وكذا الخيمة في المفازة والمحل الذي عليه قبة مضروبة وكذا البستان الذي له باب وأغلق فلا تصح في المسجد والطريق الأعظم والحمام وسطح الدار من غير ساتر والبستان الذي ليس له باب وإن لم يكن هناك أحد واختلف في البيت إذا كان بابه مفتوحا أو طوابقه بحيث لو نظر إنسان رآهما ففي مجموع النوازل إن كان لا يدخل عليهما أحد إلا بإذن فهي خلوة واختار في الذخيرة أنه مانع وهو الظاهر ويصح أن تكون هذه الفروع داخلة في المانع الحسي؛ لأن وجود ثالث وعدم صلاحية المكان مانع حسي كما في الأسرار، وأشار بالمرض إلى المانع الحسي وعممه بعدم الفرق بين مرضه ومرضها وأطلقه فأفاد أن مطلق المرض مانع وهو كذلك في مرضه، وأما في مرضها فلا بد أن يكون مرضا يمنع الجماع أو يلحقه به ضرر وهو الصحيح؛ لأن مرضه لا يعرى عن تكسر وفتور عادة ومن المانع الحسي الرتق والقرن والعفل والشعر داخل الفرج المانع من جماعها والقرن في الفرج مانع يمنع من سلوك الذكر فيه إما غدة غليظة أو لحم أو عظم وامرأة رتقاء بها ذلك كذا في المغرب وامرأة رتقاء بينة الرتق إذا لم يكن لها خرق إلا المبال وضبط القرن في شرح المجمع بسكون الراء والرتق بفتح التاء والعفل شيء مدور يخرج بالفرج ومنه صغرها بحيث لا تطيق الجماع وليس له أن يدخل بها قبل أن تطيقه وقدر بالبلوغ، وقيل بالتسع، والأولى عدم التقدير كما قدمناه فلو قال الزوج تطيقه وأراد الدخول وأنكر الأب فالقاضي يريها النساء ولم يعتبر السن كذا في الخلاصة وفي خلوة الصغير الذي لا يقدر على الجماع قولان وجزم قاضي خان بعدم الصحة فكان هو المعتمد ولذا قيد في الذخيرة بالمراهق وسيأتي الكلام على الخصي ونحوه، وأشار بالحيض والنفاس إلى المانع الطبعي وهو شرعي أيضا ولا يخفى أنه عند عدم درور الدم ليس مانعا طبعا مع أنه مانع شرعا؛ لأن الطهر المتخلل بين الدمين في المدة حيض ونفاس. والظاهر أنه لا يوجد لنا مانع طبعي إلا وهو شرعي فلو اكتفوا بالمانع الشرعي عنه لكان أولى وأشار بالإحرام والصوم إلى المانع الشرعي أما الإحرام فأطلقه فشمل الإحرام بحج فرض أو نفل أو بعمرة وعلله في الهداية وغيرها بأنه يلزم من الوطء معه الدم وفساد النسك والقضاء فظاهره أنه لو خلا بها بعد الوقوف بعرفة فإنها صحيحة للأمن من الفساد مع أن الجواب مطلق وهو الظاهر للحرمة شرعا، وأما الصوم فقيده المصنف بصوم الفرض للاحتراز عن صوم التطوع؛ لأنه لا يمنع صحة الخلوة وإن كان واجبا بالشروع؛ لأن وجوبه لضرورة صيانة المؤدي فلا يظهر في حق غيره مع أن الإفطار فيه بغير عذر جائز في رواية وشمل صوم الفرض قضاء رمضان والكفارات والمنذور فإنها تمنع صحة الخلوة وهو قول البعض والصحيح أنه لا يمنع صحتها؛ لأنها لا كفارة في إفسادها فلو قال المصنف وصوم رمضان أي أداء كما في المجمع لكان أولى؛ لأنه الصحيح أو قال والصوم اختيارا لقول البعض لأمكن؛ لأنه لا فرق عند البعض بين صوم التطوع والفرض في أنه يمنع صحتها كالإحرام فتقييده بصوم الفرض ليس على قول من الأقوال وينبغي أن يكون صوم الفرض ولو منذورا يمنع صحة الخلوة اتفاقا؛ لأنه يحرم إفساده وإن كان لا كفارة فيه فهو مانع شرعي، وأما الصلاة، فقالوا فرضها كفرض الصوم ونفلها كنفله كذا في الهداية وعلله في غاية البيان بأنه لا يأثم بترك النافلة وهو الصحيح فلا يكون مانعا بخلاف صلاة الفرض فإنه يأثم بتركها ا هـ. وفيه نظر؛ لأنه ليس الكلام في الترك، وإنما هو في الإفساد ولا شك أن إفساد الصلاة لغير عذر حرام فرضا كانت أو نفلا فينبغي أن يكون مطلق الصلاة مانعا مع أنهم قالوا إن الصلاة الواجبة كالنفل لا تمنع صحة الخلوة كما في شرح النقاية مع أنه يأثم بتركها وأغرب منه ما في المحيط أن صلاة التطوع لا تمنع صحتها إلا الأربع قبل الظهر فإنها تمنع صحة الخلوة؛ لأنها سنة مؤكدة فلا يجوز تركها بمثل هذا العذر ا هـ. فإنه يقتضي عدم الفرق بين السنن المؤكدة ويقتضي أن الواجبة تمنع صحتها بالأولى ومن المانع الشرعي أن يكون طلاقها معلقا بخلوتها فلو قال لها إن خلوت بك فأنت طالق فخلا بها طلقت فيجب نصف المهر لحرمة وطئها كذا في الواقعات زاد في البزازية والخلاصة بأنه لا تجب العدة في هذا الطلاق؛ لأنه لا يتمكن من الوطء وسيأتي وجوبها في الخلوة الفاسدة على الصحيح فتجب العدة في هذه الصورة احتياطا وصورها في المبتغى بالمعجمة بأن قال إن تزوجت فلانة فخلوت بها فهي طالق فتزوجها وخلا بها كان لها نصف المسمى ومن المانع الشرعي أن لا يعرفها حين دخلت عليه أو حين دخل عليها على الأصح؛ لأنها إنما تقام مقام الوطء إذا تحقق بالخلوة التسليم والتمكين وذا لا يحصل إلا بالمعرفة كذا في المحيط ويصدق في أنه لم يعرفها كذا في الخانية ولو عرفها هو ولم تعرفه هي تصح الخلوة كذا في التبيين ولعل الفرق أنه متمكن من وطئها إذا عرفها ولم تعرفه بخلاف عكسه فإنه يحرم عليه وطؤها وفي الخانية الكافر إذا خلى بامرأته بعدما أسلمت صحت الخلوة ولو أسلم الكافر وامرأته مشركة فخلا بها لا تصح الخلوة ا هـ. ولعل الفرق مبني على أن الكافر غير مخاطب بالفروع فكان متمكنا من وطء المسلمة بخلاف وطء المسلم المشركة وفي الخلاصة ولو دخلت عليه وهو نائم صحت علم أو لم يعلم ا هـ. وهو مشكل؛ لأنه لم يتمكن مع النوم من وطئها كما إذا لم يعرفها لكن أقاموه مقام اليقظان هنا وينبغي أن يكون من المانع الشرعي كونه مظاهرا منها فلو ظاهر منها ثم خلا بها قبل التكفير لم تصح لحرمة وطئها عليه ويدل عليه أن الإمام الدبوسي في الأسرار فسر المانع الشرعي بما يحرم عليه معه جماعها وأطلق في إقامتها مقام الوطء في الأحكام فأفاد أنه يكمل لها المسمى وإن قالت لم يطأني كما في الخانية ولو لم تمكنه من الوطء في الخلوة ففيه اختلاف المتأخرين كذا في الذخيرة وقياس وجوب النفقة أن تصح الخلوة كما لا يخفى واختار الطرسوسي تفقها من عنده أنها إن كانت بكرا صحت الخلوة؛ لأنها لا توطأ إلا كرها وإن كانت ثيبا لم تصح لعدم تسليم البضع اختيارا وكانت راضية بإسقاط حقها بخلاف البكر فإنها تستحي وأفاد أنها كالوطء في الأحكام لكن هي كالوطء في أحكام دون أحكام فأقاموها مقامه في حق كمال المهر وثبوت النسب ووجوب العدة والنفقة والسكنى في هذه العدة وحرمة نكاح أختها وأربع سواها وحرمة نكاح الأمة في قياس قول أبي حنيفة ومراعاة وقت الطلاق في حقها، كذا ذكروا وينبغي أن لا يذكر ثبوت النسب من أحكام الخلوة القائمة مقام الوطء؛ لأنها من أحكام العقد وإن لم توجد خلوة أصلا كما صرح به في المبسوط، وكذا النفقة والسكنى وحرمة نكاح الأخت ونحوها فإنها من أحكام العدة فذكرها يغني عنها هذا ما فهمته ثم بعد مدة رأيت في جامع الفصولين نقلا عن أدب القاضي للخصاف أنها قائمة مقام الوطء في حق تكميل المهر ووجوب العدة ولم تقم مقامه في بقية الأحكام ا هـ. وهذا هو التحقيق ولم يقيموها مقامه في حق الإحصان إن تصادقا على عدم الدخول وإن أقرا به لزمهما حكم الإحصان وإن أقر به أحدهما صدق في حق نفسه دون صاحبه كما في المبسوط وفي حرمة البنات وحلها للأول والميراث حتى لو أبانها ثم مات في عدتها لم ترثه كما في المجتبى وفي الرجعة فلا يصير مراجعا بالخلوة ولا رجعة له بعد الطلاق الصريح بعد الخلوة وأما في حق وقوع طلاق آخر ففيه روايتان والأقرب إلى الصواب الوقوع؛ لأن الأحكام لما اختلفت يجب القول بالوقوع كذا في الذخيرة وجعلها في المجتبى كالوطء في حق التزويج فإنها تزوج كما تزوج الثيب وهو ضعيف لما قدمنا من أنها تزوج بعدها كالأبكار إذا قالت لم يدخل بي وفي غاية البيان إذا خلا بها في النكاح الموقوف تكون إجازة؛ لأن الخلوة بالأجنبية حرام وقال بعضهم نفس الخلوة لا تكون إجازة ا هـ. وزاد في المجتبى في عدم كونها كالوطء في منعها نفسها للمهر ولا ينبغي إدخاله هنا؛ لأنه لو وطئها حقيقة فلها منعه بعده عند أبي حنيفة نعم يتأتى على قولهما كما لا يخفى وفي المجتبى الموت أقيم مقام الدخول في حكم العدة والمهر وفيما سواهما كالعدم وفي شرح الناصحي فإن ماتت الأم قبل أن يدخل بها فابنتها له حلال ا هـ. (قوله: ولو مجبوبا أو عنينا أو خصيا) أي الخلوة بلا الموانع المذكورة كالوطء ولو كان الزوج مجبوبا أو نحوه فلها كمال المهر بعد الطلاق والخلوة عند أبي حنيفة وقالا كذلك في الخصي والعنين وفي المجبوب عليه النصف؛ لأنه أعجز من المريض بخلاف العنين؛ لأن الحكم أدبر على سلامة الآلة ولأبي حنيفة أن المستحق عليها التسليم في حق السحق، وقد أتت به. والحاصل أن الخلوة الصحيحة عنده هي التمكين من الوطء بأقصى ما في وسعها فإن قلت: يلزم على هذا أن توجب الخلوة بالرتقاء كمال المهر إذ ليس هنا تسليم غيره قلنا إن الرتق قد يزول فكان هذا التسليم منتظرا غيره فلم يجب كمال المهر لعدم التسليم كاملا كذا في غاية البيان والجب القطع ومنه المجبوب الخصي الذي استؤصل ذكره وخصيتاه، وقد جب جبا وخصاه نزع خصيتيه يخصيه خصاء على فعال والإخصاء في معناه خطأ، وأما الخصي على فعل فقياس وإن لم نسمعه والمفعول خصي على فعيل والجمع خصيان كذا في المغرب وفي الغاية الظاهر أن قطع الخصيتين ليس بشرط في المجبوب، ولذا اقتصر الإسبيجابي على قطع الذكر. وأشار المصنف إلى صحة خلوة الخنثى بالأولى وإلى أن نسب الولد يثبت من المجبوب وهو بالإجماع كذا في البدائع، وذكر التمرتاشي إن علم أنه ينزل يثبت وإن علم خلافه فلا وعليها العدة والأولى أحسن وعلم القاضي أنه ينزل أولا ربما يتعذر أو يتعسر كذا في فتح القدير. (قوله: وتجب العدة فيها) أي تجب العدة على المطلقة بعد الخلوة احتياطا، وإنما أفرد هذا الحكم مع أنه معلوم ومن جعلها كالوطء؛ لأن هذا الحكم لا يخص الصحيحة بل حكم الخلوة ولو فاسدة احتياطا استحسانا لتوهم الشغل والعدة حق الشرع والولد لأجل النسب فلا تصدق في إبطال حق الغير بخلاف المهر؛ لأنه مال لا يحتاط في إيجابه، وذكر القدوري في شرحه أن المانع إن كان شرعيا تجب العدة لثبوت التمكن حقيقة وإن كان حقيقيا كالمرض والصغر لا يجب لانعدام التمكن حقيقة واختاره قاضي خان في فتاواه لكن في فتح القدير إلا أن الأوجه على هذا أن يختص الصغير بغير القادر والمرض بالمدنف لثبوت التمكن حقيقة في غيرهما. ا هـ. والمذهب وجوب العدة مطلقا؛ لأنه نص محمد في الجامع الصغير وظاهره أنها واجبة قضاء وديانة وفي المجتبى، وذكر العتابي تكلم مشايخنا في العدة الواجبة بالخلوة الصحيحة أنها واجبة ظاهرا أم على الحقيقة، فقيل لو تزوجت وهي متيقنة بعدم الدخول حل لها ديانة لا قضاء ا هـ. وفي المجتبى والخلوة الصحيحة في النكاح الفاسد لا توجب العدة. (قوله: وتستحب المتعة لكل مطلقة إلا للمفوضة قبل الوطء) وهي بكسر الواو من فوضت أمرها إلى وليها وزوجها بلا مهر وبفتحها من فوضها وليها إلى الزوج بلا مهر فإن المتعة لها واجبة على زوجها كسائر ديونها كما ذكره الإسبيجابي فالمراد بالواجب هنا اللازم وأخرج الواجب عن أن يكون مستحبا بناء على الاصطلاح وشمل كلامه من طلقها قبل الدخول، وقد سمى لها مهرا فإنها مستحبة على ما في المبسوط والمحيط والمختصر وعلى رواية التأويلات وصاحب التيسير وصاحب الكشاف وصاحب المختلف وعلى ما في بعض نسخ القدوري لا تكون مستحبة لها حكما للطلاق ولو كانت مستحبة كان لمعنى آخر كما في قوله في عيد الفطر ولا يكبر في طريق المصلى عند أبي حنيفة أي حكما للعيد ولكن لو كبر؛ لأنه ذكر الله تعالى يجوز ويستحب كذا في غاية البيان وحاصله أنه ليس المراد من نفي المستحب هنا أن لا ثواب في فعله بل فيه ثواب اتفاقا؛ لأنه إحسان وبر لها، وإنما محل الاختلاف أن هذا المستحب حكم من أحكام الطلاق أولا، وقد قدمنا أن الفرقة إذا كانت من قبلها قبل الدخول فإنه لا يستحب لها المتعة أيضا؛ لأنها جانية.
|